كنت امرأة بسيطة أحب الحياة، مجتهدة في الدراسة، أمضي وقتي مع أهلي أشاركهم تفاصيل يومي، أخرج مع صديقاتي بكل سعادة في آخر أيام الأسبوع، ولديّ هوايات صغيرة أحبها. كان لدي روتين يومي بسيط أستلذ العيش فيه بكل تفاصيله. لكن عندما تخرجت من الجامعة وتوظفت في شركة مرموقة، بدأت قصتي مع الإكتئاب.

 

في الشهور الأولى كنت كالنحلة أحب عملي واستيقظ نشيطة باكرًا، أشرب قهوتي الصباحية باستلذاذ، وأمضي إلى عملي أسلم على زميلاتي وأبدأ عملي. لكن لا أعرف ما الذي تغيّر بعدها. لا أدري بالضبط ما هي نقطة التحول التي جعلتني امرأة مختلفة تماما أخسر إيماني بالحياة. فقدتُ شهيتي، وأصبحت لا أطيق الاستيقاظ باكرًا بل ولم أكن أستطيع النوم بسهولة، وعندما أنام أفعل ذلك لساعات متواصلة فاضطر إلى الغياب عن العمل. لم أعد تلك الفتاة النشيطة وفقدت الإهتمام بالمتع البسيطة التي كنت أعيشها، حتى القهوة لم يصبح لها طعم. خسرتُ الكثير من وزني. وتغيّرت علاقاتي مع زميلات العمل. صرت أُرغم نفسي على الجلوس مع أهلي وأجد مشقة كبيرة في ذلك. لا أستطيع التركيز بسهولة على موضوع ما. كنتُ أحب القراءة وتركتها، لا أستطيع أن أتابع حلقة واحدة من مسلسلي المفضل. أصبحتُ مشتتة الذهن بشكل كبير.

 

لم يُعجب رئيستي أدائي في العمل. جائتني تحذيرات يومية بسبب الغياب المتكرر حتى لم أطق ذلك وقدمتُ استقالتي. جلستُ في البيت بكل ثقلي. كان والديّ مقتنعان أن ما أصابني هو ”عين“ أحدهم، وإلا فما تفسير كل هذا الذبول؟ قدّم أهلي الدعم الكبير لي بشتى الطرق، حاولت صديقاتي إدخال البهجة إلى نفسي وإيجاد وظيفة أخرى لي بدون فائدة. كنت أشعر بأنني انسانة فاشلة وألوم نفسي على هذا الفشل، بل وألومها أيضًا لأنني خذلتُ أهلي وصديقاتي.

 

كنتُ أفكر كثيرًا في الإنتحار.

 

بالأحرى حاولتُ الانتحار ولكنني فشلت. لن أكتب تفاصيل المحاولة ولكن كانت تأتيني أفكار بالإنتحار بين فترة وأخرى، وأشعر بالراحة عندما أفكر بذلك. لكن ما كان يمنعني من الإقدام على ذلك في كثير من الأوقات هو التفكير بأهلي وصديقاتي.

 

لا أدري كيف اقتنعتُ أخيرًا بجدوى الذهاب إلى طبيب نفسي، وقد فعلت. بعد جلسات مكثفة مع الطبيب، شخّص حالتي ”اكتئاب حاد“ Major Depression واقنعني بضرورة الالتزام بالعلاج. أعطاني أدوية كرهتها في البداية لأنها كانت تسبب لي نوبات من الهلع. جربت أن أترك الأدوية لولا أن أمي كانت تجبرني على تناولها. والتزمت بالجلسات العلاجية.

 

وكالسحر وخلال بضعة أسابيع فقط، بدأت هذه الأعراض تتلاشى! عاودتني شهيتي للحياة، وأصبحت أحب مذاق الطعام، وأمضي الوقت مع أهلي وأنا سعيدة. انتظر صديقاتي في إجازة نهاية الأسبوع حتى ينتهين من أشغالهن لأقضي الوقت معهن. شربت القهوة لأول مرة وأنا مستمتعة بمذاقها. عاد إليّ الروتين البسيط الجميل، وها أنا أبحث عن عمل مرة أخرى ولا أستعجل في ذلك. تعاودني لحظات حزن لكنها طبيعية للغاية. سافرتُ مع أهلي في إجازة سريعة وكانت إجازة رائعة. ياالله كم افتقدتُ نفسي كثيرًا!

 

هذه قصتي باختصار شديد كتبتها من أجلكِ. إذا مررتِ بقصة شبيهة لقصتي، أرجوكِ.. اذهبي إلى الطبيب! الإكتئاب ليست حالة يُوصف بها المزاج، بل إنه مرض يحتاج إلى علاج وأدوية. مرض يلازم الإنسان كالجبل الثقيل على صدره. إذا عرفتِ شخصا ما مصاب بهذه الأعراض أو يمر بقصة مشابهة لقصتي، فقدمي المساعدة فورا، لأنك قد تنقذين حياته!