تلقينا خبر حملي أنا وزوجي بسعادة بالغة، أخبرنا الأهل والأصدقاء بالخبر ووصلتنا التهاني والمباركات. أثثتُ غرفة طفلي بعناية واشتريت الملابس والأغراض، ووضعت صورة السونار لجنيني بداخل محفظتي وصوّرتها لأجعلها خلفية لجوالي من أجل أن أستمتع بالنظر إليها دائما. قررت أن أكون أما رائعة، فقرأت الكثير عن العناية بالطفل وتربيته، وتابعت العديد من الحسابات الجميلة في الشبكات الإجتماعية التي تتحدث عن العناية بالأطفال. اخترنا أنا وزوجي اسم طفلي، وكنا نمازح بعضنا عن حالنا بعد الولادة وكيف أننا سنتشاجر بسبب قلة نومنا وانشغالنا الدائم بطفلنا.

رغم أنني تجاوزت المرحلة الأولى من الحمل، وهي التي تُعد المرحلة الخطرة في فقدان الجنين، إلا أنني فقدت جنيني في الشهر الثامن بسبب ارتفاع ضغط الدم. انهرت واسودت الدنيا في عينيّ.

تغير حالي كثيرًا، لم يعد للحياة طعم ولم أعد تلك الفتاة الإيجابية البشوشة. اضطررنا أنا وزوجي إلى تلقي التعازي من جميع من هنئنا بخبر الحمل. أقفلت غرفة طفلي، وألغيت متابعة كل الحسابات التي تتحدث عن الأطفال في الشبكات الإجتماعية وتجنبت عمدًا انستقرام حتى لا أطّلع على صور أطفال صديقاتي المولودين حديثًا لا من غيرة، بل لأتجنب تذكر فقداني لطفلي. كانت تأتيني تعليقات مزعجة من نوعية
”لا بأس إنه مجرد جنين لم تتسنى لكِ رؤيته وتكوين ذكريات معه“
”من الممكن أن يصبح ابنا عاقا. احمدي الله على نعمة فقدانه فلعلها خيرة“
”الكثير من الأمهات قد فقدوا أبناء وبنات كبارًا، انظري إلى حالهن ورضاهن“ ..
أصبحتُ لا أطيق رؤية الناس حتى لا أسمع مثل هذه العبارات. وعندما حان تاريخ ولادتي والذي كان من المفترض أن استقبل فيه طفلي، شعرت بمزيج من الحزن والذنب والغضب والوحدة.

بعد فترة طويلة من الزمن بدأتُ أستعيد عافيتي وإيجابيتي تدريجيًا. كتبتُ هذه المقالة حتى تكون عزاءً لكل من مرت بتجربة مماثلة. فإذا كنتِ مثلي وفقدتِ جنينك، إليكِ بعض نصائحي البسيطة لعلني أواسيكِ في مصيبتك:
١- لاتلومي نفسك على فقدان طفلك: لستِ السبب على الإطلاق في فقدان طفلك، فالأمر خارج عن سيطرتك تمامًا. من المهم أن تدركي هذا الأمر حتى لا تزيدي من أوجاعك.
٢- فلتحزني كما ترغبين: التعبير عن حزنك مفيد بل هو أمر مفترض. من غير الطبيعي أن تقاومي رغبتك في البكاء والحزن، لكن من الممكن أن لا تشعري بالرغبة في البكاء. تحدثي مع زوجك بخصوص هذا الموضوع وعبّري عما تشعرين به وشجعيه على التعبير عن حزنه فهو أب قد فقد طفله أيضًا. احرصا على دعم بعضكما البعض بشتى الوسائل. فضفضي إلى أمك وأختك وصديقتك وأخبريهم بما تحسين به، وابكي أمامهم إذا شعرتِ بالحاجة إلى ذلك.
٣- الوقت كفيل بتضميد الجروح: لن تستعيدي عافيتك في أيام معدودة، ستحتاجين إلى وقت قد يطول أكثر مما تظنين حتى تتناسين هذا الجرح. سيخف الأمر مع مرور الأيام لكنك لن تنسيه تمامًا. لا تجبري نفسك على تجاوز هذه المرحلة سريعا، وامنحي نفسك متسعًا من الوقت. أعدكِ بأنك ستتغيرين.
٤- افعلي مايُشعرك بالطمأنينة والراحة: تختلف طرقنا في مواساة أنفسنا ومحاولة خروجنا من الأحزان. قد تحتاجين إلى قضاء وقت أطول مع زوجك وأخذ إجازة والسفر إلى مكان ما، أو إلى قضاء وقت مع أهلك وصديقاتك. البعض قد يرغب في المشاركة في الأعمال الخيرية والصدقات حتى تُشعرهم بالراحة. قد ترغبين في الإنجاب وتحاولين الحمل مرة أخرى مباشرة (هذا القرار عائد إليكِ فاجتنبي الضغط من الآخرين) أو قد تنخرطين في هوايات تحبينها أو تجربين هوايات جديدة ممتعة. افعلي ما تجديه مناسبًا لكِ.
٥- كيف تخبرين الآخرين بموضوع فقدانك لطفلك؟ أخبري من تحبينهم بنفسك شخصيا حتى تتلقي منهم كلمات التعازي والمواساة وتستطيعين الفضفضة إليهم. أما الآخرين فوكّلي أهلك وصديقاتك بإخبارهم. عليكِ أن تتوقعي ردات فعل مختلفة من الآخرين تجاه هذا الخبر، فالبعض لايعرف كيف يواسي في الحزن.
إذا كان لديكِ أطفالا فحاولي إخبارهم بالطريقة التي يفهمونها، استخدمي كلمات بسيطة وصريحة مثل:
”لم يكبر الطفل“
ابتعدي عن بعض العبارات مثل ”فقدت طفلي“ أو ”الطفل قد سافر بعيدا” لأنها مشوشة وبعيدة عن فهمهم. قد يشعر الأطفال بالحزن إلا أنهم لايعرفون كيف يعبرون، لذلك راقبي ردات فعلهم وشجعيهم على طرح الأسئلة.

WebMD: Telling others about your miscarriage