هل تعلمون ربما عليّ أن أعترف “لقد عانيت منذ الصغر من صورة سلبية عن جسدي، كنتُ قصيرة القامة دائماً، كل من حولي كان يفوقني في الطول، كنتُ الأقل جمالاً بين أخواتي، صديقاتي، حتى أفراد العائلة الذكور كانوا أجمل مني، كنتُ دائماً أتحاشى التواجد مع صديقات الوالدة، كنّ ينظرن إليّ بنظرات الشفقة، أتذكر حين أخبرت إحداهنّ والدتي بأن ابنها قد خطب فتاةً من خارج العائلة أنّها مسحت على رأسي كأني طفلة صغيرة وقالت: سيأتيكِ نصيبكِ في يوم ما، أشعرتني يومها بكم كبير من الشفقة على نفسي، هل حقاً أنا بهذا السوء؟”
هذه السيدة التي كتبت الاعتراف أعتقد أنها ستسألكم أيضاً هل تحملون صورة سلبيةً أم إيجابيةً عن أنفسكم؟
إن كانت الإجابة أنكم تحملون صورةً سلبيةً عن أنفسكم فدعوني أخبركم أنكم لستم وحدكم في ذلك، الكثير من الاشخاص يحملون هذه الصورة السلبية، هذا يرجع للكثير من المعايير الخاطئة التي درجنا عليها منذ الصغر، أفلام الكرتون التي كانت تفترض على الأمير والأميرة أن يكونوا في قمة الوسامة، ألعاب الأطفال التي تفترض أن اللعبة الجميلة هي لعبة باربي ذات المواصفات القياسية، عارضات الأزياء صاحبات الأوزان والأطوال المحددة، أدوات التجميل والتنحيف التي تحدد لون البشرة والقوام الجيد، ويتناسى الكثير اختلاف الأجسام ولون البشرة باختلاف المناطق.
لقد حدد البعض، ولمصالح معينة، معايير خاصة وقاموا بالعمل على نشرها، كتحديد معايير الجمال، و قاموا بتحديد أوزان معينة للنساء، التشجيع على العمليات التجميلية، لكن في حقيقة الأمر أن هذه العمليات والأدوية قد تودي في نهاية الأمر لمضاعفات وأمور كارثية.
تناسى البعض الطبيعة البشرية للأجساد واختلاف تركيبتها باختلاف العمر والمناطق الجغرافية.
أصبحنا نرى أطفالاً يتجنبون الأكل الصحي ويتحاشون التعرض لأشعة الشمس الضرورية لبناء أجسادهم خوفاً على الوزن ولون البشرة، وأصبحت أدوات التجميل كثيرة الانتشار لدرجة أنها أصبحت تصنع كلعب للأطفال.
هل هناك عوامل تساعد على تكوين صورتنا السلبية للأجساد:
نعم وللأسف الكثير منها يقع على طائفة مقربة:
- العائلة، ولها الدور الأساسي في ذلك، تعترف إحدى الأمهات أنها حين ولدت طفلاً ذو شفة الأرنب رفضته في البداية وأبت أن تحمله أو أن تصطحبه معها للمنزل، ومازالت تكرر هذا عليه حتى وهو في العاشرة من عمره، ومازالت تجري له عمليات التجميل وتخبره أنها لولا عمليات التجميل ما كانت قبلت به في بيتها، طفل مثل هذا بالتأكيد ستكون صورته سلبية عن نفسه، وسيعاني كثيراً في التعاملات الاجتماعية خاصة أن أكثر شخص من المفترض به أن يقدم الدعم كان هو أول شخص يجعله ينظر بسلبية إلى نفسه.
- الأطباء، أولئك الذين يقدمون الكثير من النصائح للسيدات عن حاجتهن إلى إنقاص أوزانهنّ بطرق سريعة عاجلة ويجعلونهم ينظرون لأجسادهنّ بطريقة سلبية.
هل هناك حل؟
عزيزتي الحل بين يديكِ، لكِ ولأطفالكِ ولمحيطكِ، النظر للمرآة ثم تعلم كيف يمكن أن نحب من بداخلها كما هو.
كل منا يريد أن يظهر بأحسن صورة و لكن ليس بالضرورة أن يعكس المظهر المثالي حالة الجسم الصحية ففي الواقع تأتي هيئة الجسم الصحية في جميع الأشكال و الأحجام. إن تغيير صورة جسمك يعني تغيير الطريقة التي تفكرين بها في جسدك و في الوقت نفسه الخيارات الصحية فهي أيضاً مفتاح لتحسين صورة الجسم لكن هذا لا يعني أن تؤذي نفسكِ، عليكِ دراسة الأمر، أن تحافظي على الغذاء الصحي الذي يعزز صحة الجلد والشعر، جنبا إلى جنب مع عظام قوية. استشارة الأطباء الموثوق بشهادتهم، الذين لا يهدفون للربح المالي فقط، المحافظة على التمارين الرياضية بانتظام وقد أظهرت الدراسات دورها في تعزيز الثقة بالنفس، والصورة الذاتية، ومستويات الطاقة في الجسم. التخلص من الضغط النفسي و الإجهاد عن طريق الكثير من الراحة.
الخلاصة:
تُكتسب الصورة الجسدية لدى المرأة من المحيط الذي تعيش به فمهما كان معيار جمالها ما يجعلها تبصر هذا الجمال بصورته الجسدية هو الوسط الذي تحتك به كالعائلة وبيئة العمل والأقرباء والزملاء، لكن ثقافة المرأة ووعيها قد تكون سلاحها الأنجح في محاربة الصورة الجسدية التي يحاول من حولها تصديرها لها، كذلك الثقة بالنفس عامل مهم لرسم صورة جسدية سليمة.
مراجعة:
الأستاذة رزان دقماق
أخصائية تغذية القلب للكبار في مستشفى الملك فيصل التخصصي و مركز الأبحاث
المصدر:
https://www.womenshealth.gov/body-image/about-body-image/index.html